هل كان لا بد أن ننتظر 80 سنة لكى نعرف أن الإخوان جماعة إرهابية؟! هل كان لا بد أن نُحكم بالإخوان سنة كاملة نذوق فيها طعم الفشل والحماقة والكآبة لكى نؤمن بأنها جماعة خائنة وتنظيم عميل؟ هل كان لا بد أن يصاب ابن د. جابر نصار، شفاه الله وعافاه، لكى يعرف د. جابر أن الرهان على الإخوان رهان خاسر وفاشل وأن مغازلتهم ومغازلة شبابهم حفلة زفاف على ذئب وهدنة مع ضبع وليلة دخلة مع أفعى؟! من لا يزال يلمس النار لكى يتعرف على أنها نار هو فرد لم يغادر مملكة الأميبا والكائنات الأولية بعد، من لا يستفيد من خبراته السابقة وخبرات الآخرين ولا يراكمها فى ذاكرته هو إنسان لم تنمُ عنده القشرة المخية وتعرجاتها وتلافيفها وأخاديدها المعجزة المميزة لبنى البشر، هو إما سمكة كل يوم يتم صيدها بنفس الطعم والصنارة دون أن تنقل خبراتها لباقى مملكة السمك، وإما فريسة فى قطيع تقع فى نفس الفخ المغطى ببقايا الأشجار كل يوم ليستمتع نفس الصياد بالعودة إلى بيته غانماً بصيده الثمين الذى لا يتعلم ولا يحذر أقرانه، تميزنا نحن بنى البشر كأفراد والمفروض كمجتمعات بتفرد أمخاخنا بتعرجات القشرة المخية الثرية الغنية (Cerebral cortex) التى تمنحنا الخبرة وصناعة التاريخ واتخاذ القرار بناء على خبرات سابقة وقراءة لخبرات الآخرين، ليس لازماً أن أمر بنفس التجربة لكى أحكم وأتخذ قرارى، وللأسف أفرادنا ومجتمعنا ينقصهم هذا الـ«سيربرال كورتكس» أو هذه القشرة المخية وفص المخ الأمامى الكبير الذى تحورت جمجمتنا من الأمام لتستوعب هذا الفص الذى خلقه الله لتلك الوظائف المميزة والعواطف الخاصة والإدراكات المتفردة لبنى البشر، الفكر التجريدى الذى يرسم خططاً تستطيع قراءة المستقبل بناء على قراءة خبرات لم أمر بها شخصياً فكر لم نصل إليه بعد كمجتمعات وأفراد ما يسمى الـVICARIOUS LEARNING المبنى على التعلم من تراكم التجارب والخبرات واستخلاص الدروس والعبر من مواجهات الآخرين وقدرتهم على حل مشكلاتهم أو بتجنب أخطائهم أو بتجنب أخطائنا نحن فى الماضى، هذا التعلم وهذا التفكير لدينا عداء تجاهه وأنيميا فى عناصره الأساسية، لدينا أيضاً أنيميا وكساح وشلل ذكاء؛ فليست لدينا قدرة على وضع أيدينا على المشكلة، وأيضاً ليس لدينا عنصر الذكاء الثانى، وهو الاستفادة من الخبرات، لدى مجتمعنا التفكير النمطى الجامد وهو الـconcrete thinking الذى يؤدى بنا إلى لعبة الكراسى الموسيقية وممارسة تمرين الجرى فى المكان، مجتمعات أوروبا وأمريكا وآسيا وكل البلاد التى تقدمت كانت لديها ما يسمى تأثير الهليكوبتر التى تطير إلى أعلى لترى كل ملامح المشكلة ككل ثم تهبط للتعامل معها وحلها، نحن وطن لا بد أن يستعيد قشرته المخية.